عائلة الرُّمانيّات Punicaceae
يحمل الاسم العلمي للرّمان دلالات، فالمقطع Punica يعني «أحمر»، والمقطع granatum يعني «كثير البذور»، أما المقطع Pome من الاسم الإنجليزي فمشتق من اللاتينية، ويعني «تفّاح»، أي أنّ الاسم يعني مجازًا «تفاحًا كثير البذور». أما الاسم العربي فمشتق من كلمة «رمن» من اللغة المصرية القديمة، ومن الفارسية أُخذ الاسم «جلنار»، ويعني زهر الرُّمان، وهي بالأصل «كلنار»، وقد نقل الفينيقيون الرُّمان إلى قرطاجة، ونقلها الرومان من هناك، حيث إنّ أهل قرطاجة عرفوا «بالبونيقيين»، وهو لفظ محرّف عن «الفينيقيّين»، ويعتقد البعض أنّ هذا هو سبب التسمية العلمية Punica.
الرُّمان شجرة متساقطة الأوراق، تبدأ أوراقها متقابلة وحمراء، ثمّ تتحوّل لاحقًا إلى خضراء، أما المجاميع الزهرية فتُحمل قمّيًّا وطرفيًّا على الأغصان. أزهار النبات الجميلة ذات بتلات حمراء جذابة، وكانت توضع زهرة أو اثنتان في قارورة النرجيلة لتتراقص في الماء. وتُزهر الأشجار بدءًا من شهر آذار، وتستمرّ حتى أيّار، ويعتمد ذلك على المنطقة الجغرافية، أما الثمار الناتجة فهي عبارة عن غلاف جلدي يحوي بداخله البذور في ثماني حجرات، وتكون البذور حمراء أو بيضاء، بطعم حلو أو حامض، والسبب في التباين هو اختلاف الأصناف ودرجة النضج.
في فلسطين لا يتواجد الرُّمان على هيئة نبات برّي، ولكنه ينتشر بشكل واسع في الحدائق والريف الفلسطيني تحديدًا، ويُعتقد أنّ أصل النبات يُردُّ إلى إيران. ويتميّز الرُّمان وعصيره ودبسه باحتوائه على مستوى عالٍ من مضادات الأكسدة والكثير من المواد الطبيعية الأخرى، والتي يعتقد أنّ لها دورًا بالغًا في الوقاية من الكثير من الأمراض الصعبة، مثل السرطان وأمراض القلب والشيخوخة، واستخدمت قشرة الجذور قديمًا ضدّ الدودة الشريطية، ومن الاستعمالات الأخرى للرُّمان استخدام قشور الفاكهة في دباغة الجلود مع نباتات أخرى، وتحتوي قشرة ثماره مادة قابضة، ولذا استخدمت ضدّ الإسهال.
عُرف الرُّمان منذ القدم، وورد ذكره في آثار الأشوريّين والمصريّين القُدامى، ومثّل رمزًا لكثير من الحضارات القديمة، فكان رمزًا للخصوبة بسبب كثرة بذوره. ومن الأساطير المرتبطة بالرُّمان ما يقال حول أنّ الإنسان يجب ألّا يتردّد في النّوم تحتها، لأنّ لها القدرة على طرد الأرواح الشريرة، ولذلك كانت أزهارها تُنظم في خيط لصنع قلادة تعلق حول عنق الأطفال لحمايتهم من الأمراض. وكذلك كانت أغصان الرُّمان تُستعمل لضرب المجانين لطرد الأرواح الشريرة، وذلك لما ساد من اعتقادٍ قديمًا أنّ سبب الجنون هو الأرواح الشريرة، ويُحكى أنّ بعض المجانين وضعوا أرجلهم في بركة ماء ليغسلوها، ولما انتهوا من ذلك تشابكت أرجلهم ولم يعودوا يميّزون أقدامهم، حتى مرّ بهم كهل وحلّ لهم المشكلة بأن ضرب أقدامهم بعصا من الرُّمان، فكان من يشعر بألم يعرف أنّ التي ضُربت هي قدمه فيسحبها من الماء، ويذهب شاكرًا لعصا الرُّمان!
ورد الكثير في الموروث الشعبي الفلسطيني حول الرُّمان، وقيل في الأمثال الشعبية: «الرُّمان بيملا القلب إيمان»، وكان يُعتقد أنّ ترك أيّة حبّة من حبّات الرُّمان دون أكلها لا يجوز، لأن واحدة منها جاءت من الجنّة.
وتغنّينا بالرُّمان فأنشدنا:
تبعثر يا حبّ الرّمّان... تا منّي ألمك... تبعثر يا حبّ الرّمّان يا البورازاني
مطرّز اسمك على الشّال قلبي ينده قلبك منّي ميل ومنك ميل
يا عويد الرّيحان أهلك ناويين الشّيل
قلبي يحبك غيرك والله ما حبّيت يا الأسمراني
رمّانك يا حبيبي يا حبيب قلبي ونصيبي
رمّان صديرك فتّح يا ريتو من نصيبي
*****
رمّانك بالسّحارة مكسب ما هو خسارة
يا إسلام ويا نصارى صوموا باسم حبيبي
***
رمّانك هالملّيسي وأنا اشتريتو من كيسي
بحلفلك ع الكنيسة ما أخونك يا حبيبي
****
رمّانك هال شرابي سبب ظلمي وعذابي
كلّ الصبايا بقولوا يا ريتو من صحابي
المصدر: "حديقة على قمّة التلّ، مشهديّة النباتات في فلسطين". © المتحف الفلسطيني 2019