المعارض
تمثّل معارض المتحف الفلسطيني واجهته الرئيسيّة، ومحطّة التفاعل الأكثر أهميّة مع الجمهور الواسع، وقلبه النابض الذي تتشكّل تحت مظلّته البرامج والمشاريع، وهي ما يمنح المجموعات والقطع والأعمال الفنيّة بُعدًا حيويًّا بوضعها ضمن سياقات مفاهيميّة مفتوحة للاستكشاف.
ديمومة المعارض تعني استدامة المتحف الفلسطيني، واستدامة تحقيقه للغاية التي وُجد من أجلها: تقديم معرفة تحرّريّة عن فلسطين، شعبًا وتاريخًا وثقافة. أمّا إنتاج هذه المعارض فهو عمليّة متراكبة وتراكميّة، يرفع خلالها فريق متكامل حجارة البناء، واحدًا فوق الآخر، للوصول في نهاية المطاف إلى بناء فريد يحمل في زواياه وعبر محطّاته خلاصة بحث متخصّص، ويقدّمه إلى المتعطّشين للاقتراب من روح فلسطين ومكنوناتها وكنوزها.
ساعد دعم أصدقاء المتحف وأعضائه الدائمين ومانحيه، على مختلف المستويات، في رسم هذه اللّوحة: 11 معرضًا متتاليًا حول التاريخ والتراث الثقافي، وعشرات آلاف الزوّار منذ افتتاح المعرض الأوّل، وتجربة حيّة ومتجدّدة تختزل التاريخ والفنّ والثقافة، يعشيها كلّ زائر على حدة، ولا يخرج بعدها كما كان.
المجموعات
تمثّل مجموعة المتحف الدائمة قلب العمل المتحفي والدعامة التي يستند إليها في بناء معارضه وبرامجه، وبحفاظه عليها فإنّه يؤدّي دوره في الحفاظ على الموروث الفلسطيني. وتسعى مجموعة المتحف إلى أن تكون شاملة وتمثيليّة، إلّا أنّ هذه عمليّة بنائيّة تتطلّب سنوات من الجهد، وموارد ماليّة ضخمة، وعاملين مختصّين ومدرّبين على التعامل مع مختلف أنواع القطع، لحفظها وتوثيقها ومعالجتها وإتاحتها للعرض.
حصل المتحف على بعض الدعم لصالح بناء مجموعته الدائمة، والتي بحيازتها تصبح مُتاحة للجمهور الفلسطيني في كلّ أماكن تواجده، عبر معارضه وبرامجه ومنصّاته الرقميّة، وأخذ هذا الدعم الكريم أشكالًا عديدة، منها الدعم المالي الذي سمح بتجهيز غرفة المجموعات واقتناء أعمال وقطع فنيّة، أو تخصيص تدريبات لفريق المجموعات في الحفظ والتوثيق، ومنها ما شكّل مساهمة مباشرة تبرّع خلالها فنّانون وأصحاب مجموعات من فلسطين والكثير من البلدان الصديقة بقطعهم وأعمالهم وبعض مقتنياتهم لصالح مجموعة المتحف.
واليوم، يحتفي المتحف الفلسطيني بأنّه يملك مجموعة وطنيّة تضمّ، بفضل تبرّعاتكم ومساهماتكم، عشرات الأعمال الفنيّة التي تتنوّع بين اللّوحات والأعمال التركيبيّة والمنحوتات، ومئات الصور والأفلام والتسجيلات والقطع الإثنوغرافيّة، من أثواب وحليّ وشالات وأغطية رأس، بالإضافة إلى مئات الملصقات والوثائق والصور والكتب والصحف والطوابع.
مختبرات الترميم
لا يكتفي المتحف الفلسطيني باقتناء المجموعات والقطع وعرضها، ولكنّه يرى أنّ دوره يتجاوز ذلك إلى الحفاظ على التراث المادّي الفلسطيني المهدّد والمجموعات ذات الطبيعة المتنوّعة، بحمايتها من أثر الزمن قدر المُستطاع، لضمان سلامتها والإبقاء عليها لأجيال وأجيال من اليوم، بما في ذلك المجموعات الشخصيّة. وفي سبيل ذلك، أنشأ المتحف مختبرًا لترميم الوثائق، وآخر لترميم الأقمشة والمنسوجات، ليكونا بذلك من أوائل المختبرات المختصّة بالترميم في فلسطين.
ساهم تمويل المؤسّسات الشريكة ودعم الأصدقاء في إنشاء المختبرات، وترميم 5060 وثيقة ورقيّة، بين صحف، ووثائق ملكيّة أرض (طابو) تعود إلى الفترة العثمانيّة، وكتب، وصور فوتوغرافيّة، ورسائل ومغلّفات رسائل تعود إلى فترة الانتداب البريطاني في فلسطين، وغيرها الكثير، كما ساهم حتّى الآن في البدء في ترميم عدد من الأثواب، وفي إجراء مسح حول القطع والمجموعات الإثنوغرافيّة التي تحتاج إلى ترميم، غطّى 16000 قطعة، يصل عدد الأثواب التقليديّة ضمنها إلى 5000 ثوب، سيسعى المختبر إلى استهدافها وترميمها.
هذا المشروع وطني بامتياز، وهو عمل تراكمي يحتاج إلى الكثير من الجهود والمساندة، ففي ترميم كلّ وثيقة أو ثوب أو قطعة فنيّة نساهم في حفظ تراثنا من الضياع، ونقترب أكثر من تحقيق رسالة المتحف الفلسطيني في إنتاج ونشر تجارب معرفيّة تحرّريّة عن فلسطين، شعبًا وثقافةً وتاريخًا، وكلّ دعم منكم كان حجرًا في هذا البناء.
مشروع الأرشيف الرقمي
أكثر من ثلاثمئة ألف مادّة، بين صور ووثائق وسجلّات وتسجيلات صوتيّة وأفلام، أُنقذت من الضياع والتلف بالرقمنة والأرشفة، ليحفظها الأرشيف الرقمي لأجيال وأجيال قادمة. وإذا كانت الذاكرة الشخصيّة ذات قيمة لأصحابها، فإنّ الأرشيف يجعل منها موادّ حيّة خالدة، ويمنح قيمة لكلّ حدث وقصّة وقطعة وحكاية، ويضعها جنبًا إلى جنب كقطع أحجية، لتضيء، مجتمعة، على فصل من فصول شعب بأكمله.
الدعم الكبير الذي حصل عليه مشروع أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي حتّى الآن فتح الباب أمام مئات الأفراد والمؤسّسات لنقل تجاربهم وحيواتهم وإرثهم الشخصي والعائلي والمؤسّسي والمجتمعي والوطني، ومهّد الطريق للإضاءة على محطّات مفصليّة من تاريخ الشعب الفلسطيني، باعتماد مبدأ التاريخ من الأسفل، وأرشفة المجموعات الخاصّة والعامّة من قاعدة الهرم الاجتماعي صعودًا، وسلّط الضوء على أثر الشخصيّ واليوميّ في العامّ، وعلى دور الفرد في الرواية الجمعيّة، وكان سببًا في رفع الستار عن حكايات محتجبة من تاريخنا، والتوسّع جغرافيًّا للوصول إلى أرشيفات الفلسطينيّين في مختلف أماكن تواجدهم، في مخيّمات الشتات وحول العالم.
البرنامج التعليمي
كلّ لحظة في هذه الحياة يمكنها أن تكون لحظة للتعلّم!
حقّق البرنامج التعليمي في المتحف الفلسطيني حتّى اليوم قفزات نوعيّة في بناء معرفة متحفيّة مُعدّة للأطفال والطلّاب، مبنيّة على التعلّم التفاعلي والمشاركة في نحت المعنى، من خلال عشرات الفعاليّات والورشات الفنيّة المحفّزة على الإبداع والابتكار، والقائمة على دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصّة، والأنشطة التعليميّة المُصمّمة للعائلة، والمخيّمات الصيفيّة، والبرامج المُعدّة للمعلّمين. صُمّم البرنامج ليقول للطّلاب أنّ لهم مكانًا هنا: في المتحف، وأنّهم جزء لا يتجزّأ من بناء المعرفة، ومساهمون في توسيع الفكرة، وخلّاقون ومبدعون ومستقلّون وأحرار.
نريد لهذا البرنامج أن يتّسع ويكبر، مثلما تكبر الأحلام بمستقبل أفضل، ومثلما تتّسع الأفكار، وهذا ما يحقّقه دعم الأصدقاء والأعضاء والشركاء، فكلّ قطعة نقديّة ساعدت طفلًا في الوصول إلى المتحف، وكلّ تمويل ضاعف أعداد المدارس التي تمكنّا من الوصول إليها، وكلّ منحة صنعت منصّة تعليميّة، أو مكّنتنا من العمل مع فنّانين ومبدعين، أو كانت سببًا في أن نصنع إصدارات متخصّصة تغذّي مكتبات الأطفال في فلسطين.
البرنامج العام
البرنامج العامّ هو برنامج كلّ الجمهور الفلسطيني، بعائلاته، وطلّابه، وفنّانيه، وباحثيه، وأكاديميّيه، ومفكّريه، ومساحة تجعل من روّادها شركاء وفاعلين في صنع المعرفة واختبارها، وفي الانخراط في المتعة والاستكشاف من اللّحظة الأولى.
مئات الفعاليّات والاحتفاليّات الغنائيّة والموسيقيّة والورش الفنيّة والحوارات الغنيّة والجولات والعروض الأدائيّة والمسرحيّة، نفّذها البرنامج العام على مدار سنوات عمل المتحف في مبناه في بيرزيت، وافتراضيًّا عبر لقاءات وفيديوهات مباشرة أو مسجّلة، شارك فيها واستمتع بمحتواها عشرات الآلاف من الفلسطينيّين في فلسطين وحول العالم. وفي كلّ عام كان البرنامج يوسّع من حدوده، ويستقطب ذوي الاهتمامات الفريدة والأصيلة، ويجدون جميعهم فرصة لوضع لمساتهم والمشاركة في صناعة المحتوى.
كلّ هذا كان ممكنًا بدعمكم السخيّ، الذي ساهم في فتح آفاق شراكات جديدة مع مبدعين وصُنّاع محتوى، يقدّمون لمجتمعنا الفلسطيني معارفهم وخبراتهم وإضافاتهم الفريدة كلّ عام، وفي توسيع نطاق التواجد الإلكتروني الرقمي وإتاحته لجمهور أوسع، وصولًا إلى متحف تفاعلي ومعرفة متحرّكة وخلّاقة.
البرنامج البحثي والمعرفي
تُنتَج المعرفة في المتحف الفلسطيني عبر عمليّة متراكبة من التفاعل بين مُنتجي المعرفة في فلسطين، عبر سلسلة من حلقات النقاش والحوارات والمحاضرات والندوات والمؤتمرات والمنح البحثيّة، ومن خلال تشبيك عالي المستوى مع مؤسّسات ثقافيّة وباحثين وأكاديميّين.
ويهدف البرنامج بشكل رئيسي إلى سدّ الفجوات المعرفيّة، وإلقاء الضوء على ما لا تقوله المعارض، أو بمعنى أصحّ، تغطية جملة الحقائق والوقائع التاريخيّة والإنسانيّة والبحثيّة التي لا تتّسع لها معارض المتحف، ولا تغطّيها مقولتها الرئيسيّة.
وقد استطاع هذا البرنامج، على امتداد سنوات عمله، أن يكون شريكًا لعشرات المؤسّسات والباحثين والمفكّرين، موفّرًا مساحة حقيقيّة للتفاعل حول قضايا طارئة أو مستعصية، ومنصّة لنشر المعرفة الناتجة عن التشبيك والانخراط في العمل الثقافي والأكاديمي، تعزيزًا لنشر روايات عن تاريخ فلسطين.
ساهم الدعم على مستوى التمويل والشراكات والتعاون حتّى الآن في تحقيق جزء من أهداف البرنامج وطموحاته، إلّا أنّه لا يزال يحتاج إلى المزيد من الدعم من أجل توسيع نطاقه المعرفي، والمساهمة في تعزيز مكانة المعرفة المنهجيّة القائمة على البحث والتواصل بين مجتمعات الطلّاب والمؤسّسات الثقافيّة والمهتمّين في فلسطين ومن أجلها.
المطبوعات
ينتج المتحف الفلسطيني المعرفة على مستويات عدّة، ويأخذ هذا الإنتاج العديد من الأشكال، التي تعدُّ المطبوعات المتنوّعة أحد أهمّها. وبفضل دعمكم المستمرّ، تمكنّا من إنتاج جملة من الإصدارات الفريدة ذات الاختصاص، تنوّعت بين مطبوعات مرافقة للمعارض، مثل الكتالوغات والأدلّة والمطبوعات التي ترافق الأطفال والمعلّمين أثناء تجوالهم في المعارض، والمطبوعات البحثيّة والأكاديميّة، التي تشتمل على أوراق بحثيّة مساهمة وأوراق للمساهمين في ندوات ومحاضرات ومؤتمرات المتحف، وإصدارت الأطفال التي ينتجها البرنامج التعليمي بالتعاون مع كتّاب وفنّانين من فلسطين وحول العالم، هذا بالإضافة إلى الكتب الفنيّة، والتقارير السنويّة، والبروشورات والألعاب التعليميّة، كما ساهم دعمكم في اعتماد أعلى مستويات الجودة على مستوى الإعداد والترجمة والتحرير والتصميم، وتسهيل عمل المتحف وتمكينه من نشر أكبر قدر ممكن من المطبوعات القيّمة، التي تخدم مختلف القطاعات في فلسطين.