ضمن خطّته لمعارضه المستقبليّة، يبدأ المتحف الفلسطيني هذا العام عمله على تنفيذ معرض متغيّر يقوم على مجموعته التراثيّة الدائمة بشكل رئيسي، واستضافة مجموعات متنوّعة من متاحف شريكة.
تقوم فلسفة العرض ضمن هذه المعارض المتغيّرة على التركيز على موضوع أو جانب من جوانب التراث المادّي الفلسطيني، يتمّ تسليط الضوء خلالها على مكوّنات هذا التراث، وعلاقته بالتاريخ والهويّة الفلسطينيّة، باعتباره مركّبًا أساسيًّا من مركّباتها، وحلقة مركزيّة في تشكيلها والتفاعل معها.
معرض نساء غزّة
غيّرت الحروب المتتالية التي تعرّض لها قطاع غزّة على مدار سنين الاحتلال من صورة غزّة وقضائها في المخيّلة الجماعيّة والوعي اليومي للفلسطينيّين، حتّى كدنا ننسى عمق تاريخ هذه البقعة الجغرافيّة ودورها الحضاري في صناعة هويّتنا وموروثنا.
يأتي هذا المعرض ليُعيد إلينا الصورة الحقيقيّة والأصيلة لغزّة وقضائها، بتاريخها العريق، وتراثها الغني، ومقولتها الإنسانيّة، وبأسماء مُدُنها وقُراها قبل ما بات يُعرف اليوم باسم "غلاف غزّة"، والتي هجّر الاحتلال الإسرائيلي أهلها ليصبحوا لاجئين في مخيّمات القطاع، وبنى مستوطناته على أنقاضها.
يضيء هذا المعرض على الجانب المنسي من حكاية نساء غزّة اللّاتي أصبحن رمزًا للفقد والخسارة، فالمرأة الأمّ هي أكثر من يَفقد ويُفقد، وينظر إلى منجزهنّ الحضاري كجزء من حكاية طويلة من الإبداع واللّجوء والنزوح والتضامن والترابط بين المدينة والقرية والبادية، خارج الحدود السياسيّة التي فرضها الاحتلال، مظهرًا التنوّع في أشكال التطريز وبُنية الأثواب والقماش المغزول في المجدل والحُليّ في غزّة وقضائها، ليعطي صورة صادقة عمّا أنجزته المرأة الغزيّة، وما أضافته للتراث الفلسطيني وما يرتبط به من عادات وتقاليد.
نجد في المعرض أثوابًا من المجدل وهربيا وغزّة ودير البلح وخانيونس، وأغطية رأس وبراقع بدويّة من جنوب وادي غزّة، وحُليًّا تمثّل مناطق مختلفة، وتحمل العديد من المعاني الغنيّة المرتبطة بالمعتقدات الشعبيّة الفلسطينيّة.