بيرزيت/ لندن: أقام المتحف الفلسطيني حفلًا موسيقيًّا استثنائيًّا للفنّانة والموسيقيّة ريم الكيلاني، أمس الثلاثاء، 30 أيّار 2023، عبر منصّات التواصل الاجتماعي للمتحف الفلسطيني.
خلال الحفل، أخذتنا الكيلاني في رحلة عبر الجغرافيا والزمن إلى مُدُن السَّاحل الفلسطيني، من يافا إلى عكّا، ومن حيفا إلى غزّة، وغنّت أغنيات قديمة، كانت قد جمعت كلماتها من نساء فلسطينيّات في مخيّمات اللّجوء في الدول العربيّة، تعود أصولهنّ إلى مُدُن السَّاحل، لكنّهنّ أُجبرن على الخروج منها في نكبة فلسطين. جمعت كيلاني الأغنيات بلحنها الأصلي، وأعادت توزيعها، مُشكّلة لوحة فنيّة أصيلة مُتماشية مع جوهر معرضنا الحالي "بلدٌ وحدُّهُ البحرُ: محطّات من تاريخ السَّاحل الفلسطيني"، المُقام حاليًّا في المتحف الفلسطيني، والذي يفتح أبوابه للزوّار طوال الصيف.
استمرّ الحفل على مدار ساعة وأربعين دقيقة، بدأه عريف الحفل آسِر السقّا بالتعريف بالفنّانة، وإنجازاتها في توثيق التراث الغنائي الفلسطيني، مُعربًا عن شكره الجزيل للمتحف الفلسطيني الداعم للفنّانة ومسيرتها الموسيقيّة، في حفل يُعتبر باكورة الأعمال بينها وبين المتحف.
تنوّعت الأغنيات في الحفل جغرافيًّا وزمانيًّا، كما تنوّعت ثيماتها وأنواعها، فجاء بعضها من أغنيات تراثيّة كانت النساء الفلسطينيّيات يغنّينها في المناسبات السعيدة والحزينة، من بينها أغنية "يا غزيِّل"، سجّلتها الفنّانة ميدانيًّا لسيّدة من قرية "شَعب" قضاء عكّا، تُقيم في مخيّم برج البراجنة في بيروت، لبنان، عام 1997. تقول الأغنية: "يا غزَيِّل قُول لُه، قُول لُه... نِرحَل، ولَّا نضَلّ إِلُّه... قَضِّينا العُمُر كُلُّه... بِالوَعِد وُواقفِينا". غنّت الفنّانة أيضًا من أغاني البحّارة والصيّادين، كما قدّمت قصائد لعدد من الشعراء الفلسطينيّين، كانت قد لحّنتها سابقًا، من بينها قصائد للشاعر محمود سليم الحوت والشاعر محمود درويش.
يُذكر أنّ ريم الكيلاني موسيقيّة ومُغنّية وإذاعيّة فلسطينيّة من الشَّتات، وُلِدت في مانشستر – بريطانيا، ونشأت في الكويت وتلقّت فيها تعليمها الجامعي. تعلّمت عزف البيانو والغناء في سنّ الرابعة، متأثّرة بتلاوة القرآن، وبأنماط الغناء الخليجي والفارسي والإفريقي. ولدى عودتها إلى بريطانيا، تفرّغت لدراسة الموسيقى، والبحث في التراث الفلسطيني، بما في ذلك عملها في ورشات العمل الموسيقيّة وإقامة الحفلات في معرض الأزياء الفلسطينيّة الذي نظّمه المتحف البريطاني (1990-1992). أنتجت الكيلاني عددًا من الأعمال الإذاعيّة لصالح هيئة الإذاعة البريطانيّة (بي بي سي)، عن دور الموسيقى في المجتمعات المهاجرة، ومؤخّرًا عن موسيقى فلسطين قبل النَّكبة منذ بدايات القرن العشرين. كما أصدرت عددًا من الألبومات، من بينها: "الغِزلانُ النَّافِرة" (2006)، "حفل مهرجان نُور" (2016)، و"لِمَ أُحبُّها؟" (2019)، و"قال المُغنّي – طائر السَّحَر" (2022). خلال العقود الثلاثة الماضية، دأبت الكيلاني في تعريف موسيقيّين متميّزين في بريطانيا بالموسيقى الفلسطينيّة والعربيّة، بما فيهم الثلاثي الموسيقي (بريطانيا وأمريكا وإيطاليا)، الذي شارك معها في حفل المتحف.
ويُذكر أنّ المتحف الفلسطيني جمعيّة غير حكوميّة ثقافيّة مستقلّة، مُكّرسة لتعزيز ثقافة فلسطينيّة منفتحة وحيويّة على المستويَين المحلّي والدولي. يُقدّم المتحف ويساهم في إنتاج روايات عن تاريخ فلسطين وثقافتها ومجتمعها بمنظور جديد، كما يوفّر بيئة حاضنة للمشاريع الإبداعيّة والبرامج التعليميّة والأبحاث المُبتكرة، وهو أحد أهم المشاريع الثقافيّة المُعاصرة في فلسطين.
Image