لاعب النرد: محمود درويش

ستّة وجوه، وصوت واحد 

«مَنْ أَنا لأقولَ لكم ما أقولُ لكم؟» 

سؤالٌ تردّد على منابر عديدة. 

كان المنفيَّ، غير أنّ وطنًا سكن كلَّ كلمةٍ كتبها. 

شاهدًا على الفَقْد، وناسجًا للأمل. 

ثائرًا، وحارسًا للحقيقة الهشّة. 

مواطنًا بلا وطن، وصوتًا لشعبٍ بأسره. 

عاشقًا، فيلسوفًا، وملحّن المقاومة عبر الكلمات. 
 

قاوم ما فُرِض عليه، وتمرّد حتّى على ما آلَ إليه واقعه. 

كشاعرٍ تساءل عن الشعر، وكـرمزٍ رفض الرمزيّة. 

كان «الآخر» في كلّ ذات. 

لا يسعى هذا المعرض إلى تقديم محمود درويش عبر قصّة واحدة، فحياته وأعماله تأبى أن يحدّها قالب أو إطار واحد. 

وإنّما يلجأ إلى استعارة النرد: ستّة أوجه، ستّ ذوات، وستّ إجابات عن سؤالٍ واحد: «من أنا؟»

الابنُ الذي اقتُلع من البِرْوَة وحملها في أشعاره. 

الشاعرُ الذي جعل من اللغة وطنًا. 

المنفيُّ الذي حوّل الغياب إلى وطنٍ يسكن القلب. 

العاشقُ السيّئ الحظّ الذي مرّ به الحب عابرًا ولم يمهله ليستقرّ. 

المقاومُ الذي نسج من القصيدةِ موقفًا، ومن الكلمة سبيلًا للمقاومة. 

والغائبُ الحاضر الذي ظلّ صوته أكثر حضورًا بعد الرحيل. 
 

في كلّ قاعةٍ من قاعات المعرض، نكتشف وجهًا من وجوه درويش، وحياةً تُضيء كما أضاءت قصائده — لا تنتهي قراءتها، بل تكشف في كلّ مرّة ضوءًا جديدًا، وحقيقةً أعمق.