
يُعلن المتحف الفلسطيني عن إتاحة أكثر من 6,000 مادّة أرشيفيّة جديدة عبر موقعه الإلكتروني، وذلك ضمن المرحلة الثالثة من مشروع الأرشيف الرقمي، والتي شهدت رقمنة أكثر من 19,000 مادّة في إطار مواصلة جهوده لحفظ وتوثيق التاريخ الاجتماعي الفلسطيني. أُسّس المشروع بالشراكة مع مكتبة جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس (UCLA) وبدعم من صندوق أركاديا البريطاني، فيما أُنجزت هذه المرحلة بدعم من مؤسّسة غيردا هينكل.
وقد شملت هذه المرحلة إنجاز الوصوفات والسير الذاتيّة والترجمات والتدقيق اللغوي لـ 23 مجموعة أرشيفيّة، منها 17 مجموعة جديدة و6 مجموعات استُكملت من مراحل سابقة، باتت جميعها متاحة للباحثين والمهتمّين عبر موقع المتحف الإلكتروني.
تضمّ هذه المجموعات موادّ نادرة وغنيّة تُوثّق تجارب شخصيّات فلسطينيّة بارزة في المشهدَين الثقافي والفنّي، من بينها: سليمان منصور، ومحمّد سباعنة، وخديجة حباشنة، ومحمود حمّاد، ووائل زعيتر، وتيسير بركات، ويوسف الأسطل، إلى جانب مجموعات مؤسّسات تعمل في هذا المجال، مثل أتاسي غاليري، وفرقة الفجر، وطراز: بيت وداد قعوار للثوب العربي، ومصنع بلاط أصلان، بالإضافة إلى عدد من المجموعات التي توثّق التاريخ الاجتماعي الفلسطيني، من خلال أرشيفات صالح عبد الجواد، ونزار حسن، وطارق البكري، وأحمد رامي الشوّا، وعائلة الدجاني، وغيرهم. كما استُكمل العمل على ستّ مجموعات أرشيفيّة كانت قد أُدرجت في مراحل سابقة من المشروع، وهي مجموعات نهى بطشون/ ذا غاليري، وريما ناصر ترزي، ومركز خليل السكاكيني الثقافي، إلى جانب مجموعة جورج الأعمى، ومجموعة حسني رضوان، ومجموعة الشهيد خالد نزّال.
بالإضافة إلى أرشفة المجموعات ونشرها، نفّذ الفريق سلسلة من المهامّ المرافقة التي تهدف إلى تعزيز الوصول إلى الأرشيف وتوسيع نطاق استخدامه، وتحسين تجربة التصفّح، من خلال إضافة قسم "أرشيفات أخرى"، والذي يقدّم تعريفًا بأرشيفات رقميّة ذات صلة، ويحدّث بيانات عدد من المجموعات لضمان دقّة العرض والمحتوى.
كما واصل المتحف توسيع شبكة تعاونه مع مؤسّسات ثقافيّة وأكاديميّة محليّة ودوليّة، وتقديم الاستشارات في مجالَي الرقمنة والأرشفة، إضافة إلى الاستجابة لعشرات الطلبات لاستخدام الموادّ الأرشيفيّة في أبحاث ومنشورات وبرامج ومعارض. ويأتي ذلك ضمن التزام المتحف بإتاحة المعرفة وتعزيز الوصول إلى التاريخ الفلسطيني المحفوظ في فضاء رقمي آمن ومفتوح.
بذلك، بات الموقع يضمّ اليوم أكثر من 369,600 مادّة أرشيفيّة تُضيء على جوانب متعدّدة من التاريخ الاجتماعي الفلسطيني، جُمعت من أفراد ومؤسّسات في مختلف مناطق فلسطين التاريخيّة، وامتدّت لتشمل أرشيفات من لبنان والأردنّ. ويتيح الموقع للمهتمّين والباحثين إمكانيّة البحث في هذه الموادّ، ومعاينتها، وحفظها، والحصول على معلوماتها، ممّا يجعله مصدرًا معرفيًّا مهمًّا ومتاحًا للجميع.
وتتنوّع الموادّ الأرشيفيّة لتشمل مجموعات شخصيّة وعائلية وفنيّة ومؤسّسيّة، تعود إلى أدباء وفنّانين ومؤسّسات ثقافيّة وصحف ومجلّات وجمعيّات ونقابات مهنيّة، وغيرها. كما يُعدّ أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي أحد أبرز مشاريع المتحف ومنصّاته الرقميّة الدائمة، وكان قد أُطلق قبل خمس سنوات ليحفظ موادّ مهدّدة بالضياع، من وثائق وصور فوتوغرافيّة ومذكّرات وقطع وأعمال فنيّة وتسجيلات مرئيّة ومسموعة.
وفي هذا السياق، يقول عامر شوملي، المدير العام للمتحف الفلسطيني: "يشكّل الأرشيف الرقمي مرجعًا يمكن من خلاله قراءة محطّات مهمّة تاريخ فلسطين، وذاكرة رقميّة تحفظه للأجيال القادمة. لطالما كانت حياتنا نحن الفلسطينيّين، وكلّ ما يحيط بنا من أماكن ومبانٍ ومعالم وأشخاص، عرضة للقصف أو النهب أو السرقة أو الاغتيال، في كلّ لحظة. في وقت أصبحت فيه كلّ مقوّمات وجودنا عرضة للإبادة، تتضاعف أهميّة الأرشيف الرقمي بوصفه أداة لحماية هويّتنا وذاكرتنا الجماعيّة. لذلك، فإنّ كلّ وثيقة وصورة وفيديو نوثقه ونحتفظ به قد يتحوّل إلى وثيقة تاريخيّة مهمّة شاهدة على وجودنا، حتّى وإن لم نُدرك أهميّتها لحظة أرشفتها".