المتحف الفلسطيني يطلق كتاب ومعرض "استحضار النهضة: المعارض العربيّة في القدس الانتدابيّة"، للباحث ندي أبو سعادة

Image

أطلق المتحف الفلسطيني، يوم الأحد، الموافق 5 كانون الثاني، كتاب "استحضار النهضة: المعارض العربيّة في القدس الانتدابيّة" للباحث د. ندي أبو سعادة، والذي يوثّق المعارض العربيّة التي أقيمت في القدس خلال الانتداب البريطاني، وتحديدًا بين عامَي 1933 و1934، بوصفها محطّات مفصليّة في التاريخ الثقافي العربي الحديث.

جاء إطلاق الكتاب خلال ندوة نظّمها المتحف الفلسطيني في بيرزيت، شارك فيها كلّ من د. سليم تماري وندي أبو سعادة وجورج الأعمى، وتضمنت عرضًا لأعمال فنيّة وحرفيّة قدّمتها نخبة من روّاد الفنّانين والحرفيّين الفلسطينيّين الذين شاركوا في تلك المعارض.

يسلّط الكتاب الضوء على مكانة القدس باعتبارها مركزًا للتبادل الثقافي والاقتصادي والفنّي، ودورها الحيوي في إرساء نهضة عربيّة إقليميّة عقب التحوّلات الجيوسياسيّة إبّان الحرب العالميّة الأولى، ويستعرض الروابط بين القدس ومدن مثل بغداد والقاهرة ودمشق وبيروت، متتبّعًا مسارات الفنّانين والحرفيّين والمعماريّين والصحفيّين، ليكشف عن فصل محوري في التاريخ العربي الحديث لفلسطين والمنطقة، أسهم في تشكيل هويّتها الثقافيّة وتعزيز التبادل المعرفي فيها.

افتتح الحوار د. سليم تماري بمداخلة تناولت مساهمة الكتاب في استكشاف الفضاء العامّ، واستعادة مظاهر النهضة الثقافيّة خلال النصف الأوّل من القرن العشرين، مشيرًا إلى تداخل الطقوس الدينيّة والاجتماعيّة، والتحوّلات التي طرأت على الحياة اليوميّة، بما فيها اللباس والذوق العامّ.

من جانبه، أشار د. ندي أبو سعادة إلى أنّ هذا الكتاب ثمرة سبع سنوات من البحث المكثّف، والذي يرتكز إلى مقالته المنشورة سنة 2019 في "فصليّة القدس" الصادرة عن مؤسّسة الدراسات الفلسطينيّة، إلى جانب معرضَين نظّمهما في مركز خليل السكاكيني الثقافي في رام اللّه (2022–2023) ودارة الفنون في عمّان (2024). وأضاف أبو سعادة أنّ الكتاب يتضمّن ستّ مقالات وحوارًا، ومجموعة غنيّة من الوثائق الأرشيفيّة والأعمال الفنيّة والحرفيّة المجمّعة من أرشيفات ومجموعات فنيّة حول العالم، وينقسم إلى جزأين: يحتوي الأوّل على قراءات نقديّة وانطباعات بحثيّة حول المعارض، بينما يجمع الثاني الموادّ الأرشيفيّة الأصليّة التي تمّ الوصول إليها خلال مسار البحث.

وفي الختام، تحدّث جورج الأعمى عن مساهمته في الكتاب، بوصفه باحثًا ومقتنيًا، مشيرًا إلى أنّ عمليّة الاقتناء بالنسبة إليه لم تكن يومًا منفصلة عن البحث والمعرفة، ومؤكّدًا أنّ التعاون مع ندي أبو سعادة أتاح لأرشيفه الشخصي أن يُقرأ في سياق أوسع، وأن تتحوّل مقتنياته من موادّ متفرقة إلى جزء من سرديّة ثقافيّة، توثّق لحظة مفصليّة في تاريخ فلسطين والمنطقة.

يقدّم العرض المرافق لمحة عن طبيعة الأعمال الفنيّة والحرفيّة التي يتناولها الكتاب، مستعرضًا أعمال روّاد الفنّانين والحرفيّين الفلسطينيّين الذين شاركوا في تلك المعارض في تلك الفترة، بالإضافة إلى مجموعة من الوثائق الأرشيفيّة، متيحًا للزوّار فرصة التفاعل مع هذا الإرث الثقافي والإبداعي، ومشكّلًا نافذة لفهم أعمق للدور الحيوي الذي لعبته القدس في تشكيل الحركة الفنيّة والثقافيّة العربيّة في هذا الفصل من تاريخها العريق.

ويُذكر أنّ المتحف الفلسطيني جمعيّة غير حكوميّة ثقافيّة مُستقلّة، مُكرّسة لتعزيز ثقافة فلسطينيّة منفتحة وحيويّة على المستويَين المحلّي والدولي. يُقدّم المتحف ويساهم في إنتاج روايات عن تاريخ فلسطين وثقافتها ومجتمعها بمنظور جديد، كما يوفّر بيئة حاضنة للمشاريع الإبداعيّة والبرامج التعليميّة والأبحاث المُبتكرة، وهو أحد أهم المشاريع الثقافيّة المُعاصرة في فلسطين.