أعلن المتحف الفلسطيني، اليوم، عن افتتاح معرض فردي للفنّان محمّد صالح خليل تحت عنوان "بثّ حيّ"، ضمن التظاهرة الفنيّة التي أطلقها في شباط الماضي، وفي سياق عمله المتواصل والحثيث في سبيل حشد الجهود الثقافيّة من أجل شعبنا الفلسطيني، وبينما لا يزال شعبنا في غزّة يعيش تحت وطأة نيران حرب الإبادة التي تستهدف حياته ومقدّراته الإنسانيّة والثقافيّة وأسباب بقائه، والتي تجعل من دعم صموده مسؤوليّتنا جميعًا، وبينما لا يزال شعبنا في الضفّة الغربيّة يعيش تحت وطأة عنف المستوطنين.
بينما تضعنا هذه المجزرة أمام تساؤلات وجوديّة، ينقل لنا محمّد صالح خليل في هذا المعرض واقع المجزرة كما هو، عاريًا من الإضافات، وكما يراه عبر الشاشة دون تجميل أو زينة، بل بصورة صادقة خالية من الرمزيّات والمجاز، مجسّدًا خلاله المجازر المستمرّة في فلسطين منذ سنوات، والتي تتكثّف وتتعرّى في ظلّ الإبادة الممنهجة التي تستمرّ في غزّة منذ ما يزيد عن ستّة أشهر، عبر لوحات يمكننا تذييلها بالتاريخ الذي نريده، فنجده يتجلّى فيها كزمن مستمرّ من القتل والتعذيب والتنكيل والموت.
بدوره، يقول الفّنان محمد صالح خليل أنّ هذا المعرض هو بمثابة رسالة إدانة لهذا العالم، وتسجيل تاريخي للأحداث، بدأ العمل عليه بالتزامن مع بدء المجازر التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزّة في عدوانه الأخير. ويقول: "في أوقات كهذه لا يستطيع الفنّان الذي يملك ارتباطًا وطنيًّا وإحساسًا تجاه الإنسانيّة أن يجلس مكتوف الأيدي ومتفرّجًا تجاه كلّ ما يحدث. كانت استجابتي للحدث بإنجازي لهذا المعرض، في تجربة قاسية ومريرة، وظروف تحضير شبه استثنائيّة"، ويضيف: "غالبًا ما تبدأ استجابة الفنّان للحدث بعد وقوعه بفترة معيّنة، تساعده على التأمّل في منجزه طور النموّ، أمّا في سياقنا فإنّ إلحاح الخبر وكثافة حضوره جعلا من تفكيري انفعاليًّا وخارجًا عن إرادتي، ولم يتركا لي مجالًا للانتظار، كما جعلا أعمالي واقعيّة بلا إضافات، فالواقع في غزّة تفوّق على الخيال من فرط ما هو مؤلم ومرير".
وفي هذا السياق، أشارت قيّمة المعرض مرح خليفة إلى أنّ معرض "بثّ حيّ" هو امتداد للتظاهرة التي أطلقها المتحف الفلسطيني في شباط الماضي، ليس فقط تضامنًا، إنّما مقولةً وفعلًا فنيًّا ضدّ الإبادة التي طالت كلّ ما هو في قطاع غزّة. كما أنّه بمثابة "بثّ حيّ" ينقل المجزرة والإبادة التي نشاهدها يوميًّا على التلفاز، ويوثّق تفاعلنا معها.
يُشار إلى أنّ هذا المعرض واحد من سلسلة المعارض الفرديّة التي قرّر المتحف الفلسطيني استضافتها لفنّانين فلسطينيّين انشغلوا بتوثيق الحروب، بحيث أصبحت جزءًا من مشروعهم الفنّي، كان أوّلها معرض "المفقودون" للفنّان تيسير بركات في شباط الماضي.
ويُذكر أنّ المتحف الفلسطيني جمعيّة غير حكوميّة ثقافيّة مُستقلّة، مُكرّسة لتعزيز ثقافة فلسطينيّة منفتحة وحيويّة على المستويَين المحلّي والدولي. يُقدّم المتحف ويساهم في إنتاج روايات عن تاريخ فلسطين وثقافتها ومجتمعها بمنظور جديد، كما يوفّر بيئة حاضنة للمشاريع الإبداعيّة والبرامج التعليميّة والأبحاث المُبتكرة، وهو أحد أهم المشاريع الثقافيّة المُعاصرة في فلسطين.