
بيرزيت – أعلن المتحف الفلسطيني اليوم، وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي، عن افتتاح معرض "عينٌ تحدّق بالتفاصيل" الذي يضمّ 120 عملًا فنيًّا أبدعها طلّاب من مختلف المراحل الدراسيّة في مدارس الضفّة الغربيّة، حاكوا عبرها أسلوبَيّ الفنّانَين الفلسطينيَّين مصطفى الحلّاج وجواد إبراهيم، مستلهمين منهما رمزيّتهما البصريّة، وتقنيّات التعبير.
يأتي هذا المعرض نتاج شراكة استراتيجيّة تهدف إلى تعزيز الحسّ الفنّي والجمالي لدى الطلبة، وفتح آفاقهم نحو الفنون البصريّة بوصفها وسيلة للتعبير والبحث والمعرفة. ويُدرج في سياق توجّه وزارة التربية والتعليم، ضمن خطّتها التربويّة، إلى دمج الفنون في العمليّة التعليميّة، وتشجيع الطلبة على التفاعل النقدي مع الحركة الفنيّة التشكيليّة الفلسطينيّة والعالميّة، وتكوين وعي بصري بإسهامات الفنّان الفلسطيني في المشهد الفنّي المعاصر.
يضمّ المعرض أعمالًا متنوّعة تمثّل جميع المراحل المدرسيّة، وينقسم إلى ثلاثة أقسام تعكس خصوصيّة الفئات العمريّة المشاركة. فتناول طلّاب الصفوف من الأوّل إلى الرابع موضوع "أرسم نفسي كشخصيّة مشهورة"، فتأمّلوا ذواتهم، واستكشفوا ملامح البطولة والتميّز التي تسكن وجوههم الصغيرة. أمّا طلّاب الصفوف من الخامس إلى التاسع، فقد انطلقوا في رحلة بحث بصري وفنّي في أعمال الفنّان جواد إبراهيم، فتعلّموا برفقة معلّميهم ومشرفي الوزارة عن ألوانه وخطوطه وأسلوبه الفنّي، كما تعرّفوا إلى المواضيع التي شكّلت عالمه البصري. في حين اختار اليافعون من الصفَّين العاشر والحادي عشر العمل على مشروع الجداريّات، فتناولوا جداريّة "نهر الحياة" للفنّان مصطفى الحلّاج، وحاكوا أسلوبه وألوانه وأدواته، مقتربين أكثر من عالمه الرمزي والإنساني.
وأوضحت مشرفة البرنامج التعليمي في المتحف الفلسطيني، سارة زهران، أنّ المعرض يُسلّط الضوء على إمكانيّات الأطفال في المدارس الفلسطينية، ويطرح سؤالًا جوهريًّا حول دور وزارة التربية والتعليم والمؤسّسات الثقافيّة في دعم الإنتاجات الثقافيّة للأطفال وتغذيتها، وتوفير المساحات والفرص اللازمة لمواصلة مسيرتهم الإبداعيّة. وأشارت إلى أنّ "هذه اللوحات تكشف عن دقّة ملاحظة عالية، ومعرفة تقنيّة لافتة لدى أطفال لم يتجاوز أكبرهم السادسة عشرة من العمر. كما أنّ عرض أعمال الطلّاب في معرض داخل المتحف الفلسطيني قد يترك أثرًا كبيرًا في حياتهم، ويعزّز اهتمامهم بالفنون، ويفتح المجال أمام حوار مجتمعي مع الأطفال وعائلاتهم حول إمكانيّات الفنّ، ودوره في تحرير تعبيرهم عن قضاياهم وأسئلتهم الكبرى حول الواقع الاجتماعي والسياسي."
بدورها، أشارت رئيسة قسم الأنشطة الفنيّة في وزارة التربية والتعليم، رانية العامودي، إلى أنّ هذا المعرض يُعدّ الرابع على التوالي ضمن سلسلة معارض تنظّمها الوزارة سنويًّا، وتقوم من خلالها باختيار فنّانين فلسطينيّين تركوا بصمتهم في الحركة التشكيليّة الفلسطينيّة، ليقوم الطلبة بمحاكاة أعمالهم. وأوضحت أنّ هذه المبادرة تنطلق من إيمان الوزارة بأنّ الفنّ يُعدّ وسيلة للتعبير وتعزيز الهويّة والحضور الفلسطيني، كما تسهم في تنمية الوعي البصري لدى الطلّاب، وتمكّنهم من التعرّف على تجارب الفنّان الفلسطيني وإسهاماته على المستويين المحلّي والعالمي.
يحتفي المتحف الفلسطيني، بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم، بأعمال الطلّاب والطالبات الذين فازوا في هذه المبادرة بعرضها في أروقة المتحف. وفي هذا الفضاء الذي تلتقي فيه الرؤية بالتجربة، يقف الفنّانون الصغار إلى جانب الكبار، في مسعاهم المشترك نحو النور، نحو فلسطين، ونحو وعد العودة الدائم.
يُذكر أنّ المتحف الفلسطيني جمعيّة غير حكوميّة ثقافيّة مستقلّة، مكرّسة لتعزيز ثقافة فلسطينيّة منفتحة وحيويّة على المستويَين المحلّي والدولي. يقدّم المتحف ويساهم في إنتاج روايات عن تاريخ فلسطين وثقافتها ومجتمعها بمنظور جديد، كما يوفّر بيئة حاضنة للمشاريع الإبداعيّة والبرامج التعليميّة والأبحاث المبتكرة، وهو أحد أهم المشاريع الثقافيّة المعاصرة في فلسطين.