"المشاع الفلسطيني المفقود: دروس في التصدّي للاستعمار" أولى المحاضرات ضمن البرنامج المعرفي الثقافي المرافق لمعرض "اقتراب الآفاق"

طلق المتحف الفلسطيني البرنامج المعرفي الثقافي المرافق لمعرض "اقتراب الآفاق"، بمحاضرة ونقاش بعنوان "المشاع الفلسطيني المفقود: دروس في التصدّي للاستعمار"، قدمها د. رامز عيد.

تناولت المحاضرة نظام المشاع التشاركي لإدارة وملكية الأراضي في فلسطين في فترة ما قبل النكبة، والدور البارز الذي لعبه في ترتيب العلاقات داخل المجتمع الفلسطيني من خلال تنظيم العلاقة مع الأرض، ونجاعة هذا النظام في إدارة الحيز العام الاقتصادي والزراعي، إضافة إلى دوره في تنظيم الجهد المشترك والمتبادل، من خلال الحوارات والاتفاقيات التي كان الأفراد يقررون فيها معًا، وعلى نحو جماعي وديمقراطي، أمورًا إدراية كثيرة.

و"المشاع" هو المصطلح العام الذي أطلق في فلسطين ومناطق عديدة من بلاد الشام، والذي قد يشمل عدّة معانٍ تتعلّق جميعها بالحقوق المشتركة لأعضاء مجموعة من الأفراد على أرض أو حيز معين.

كما استعرضت المحاضرة دور القوى الاقتصادية والسياسية في إضعاف "نظام المشاع" واختفائه، متمثلًا بمحاربة العثمانيين، ومن بعدهم الإنجليز والحركة الصهيونية، لهذا النظام؛ فقد وجد العثمانيون في تسجيل الأراضي وفرض الضرائب عليها وسيلة لتحسين أوضاعهم الاقتصادية، إضافة إلى محاولتهم لنشر وتعزيز "الملكية الخاصة" على حساب "الملكية العامة". أما الانتداب البريطاني، فقد استمر في نهج "الخصخصة"، وروّج لادعاءات استشراقية تصف هذا النظام بالمتخلف وغير المتطور، وهو ما لا يعبر عن روح العصر. ومع إصدار وعد بلفور في العام 1917، عمل الإنجليز، سرًا وعلانية، من أجل تسهيل تسريب الأراضي لليهود، حيث كان تسجيل الأرض بمثابة أولى الخطوات في هذا الطريق.

 وتحدث. د. رامز عيد عن المشاع في سياق دراسة المجالات والأراضي العمومية لدى المجموعات الأصلانية حول العالم، مستعرضًا حالات لمجتمعات حول العالم نجحت في الصمود في وجه القوى الاقتصادية، ولا زالت تعتمد حتى اليوم نظامًا تشاركيًا ديمقراطيًا لإدارة أراضيها عمره مئات السنين، ويتشابه مع المشاع الفلسطيني في كثير من النواحي.
 
كما تركز الحديث عن وجهة النظر فلسطينيًا حول أهمية وإيجابيات نظام المشاع، بسبب الدور الذي لعبه في تنظيم العلاقات بين الفلسطينيين داخليًا، ومحاربة تسريب الأراضي، وتبادل الخبرات فيما يتعلق بالزراعة والأراضي داخليًا، والتقليل من الخلافات والنزاعات الداخلية.

والمتحدث رامز عيد، أكاديمي وباحث من فلسطين المحتلة عام 1948. حاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة برن في سويسرا، ومتخصص في علم الإنسان السياسي. له عدة دراسات حول المشهد الطبيعي والنظام البيئي، منها "الغابات المحترقة، القوة الصاعدة: نحو عملية دستورية في محمية المحيط الحيوي لجبل الكرمل"، ومقال بعنوان: "المشاع كمجال عمومي ديموقراطي: دروس من تراثنا المفقود".