قال المهندس ناصر كنعان، النائب الأول لرئيس شركة بروجاكس العالمية ومدير فرعها في فلسطين، إن مشروع المتحف الفلسطيني نجح في اجتذاب شركات فلسطينية رائدة من المهجر، منها شركة بروجاكس العالمية التي تأسست ونمت في الشتات ومقرها الرئيسي في البحرين، ولها فروع في 21 دولة حول العالم. وأضاف أن الشركة قررت العودة إلى فلسطين والعمل فيها للمرة الأولى من خلال مشروع المتحف الفلسطيني الذي يتم بناؤه في بيرزيت بدافع وطني، خاصة وأن المتحف الفلسطيني مشروع ريادي على أكثر من صعيد، يهدف الى تخليد الذاكرة وتوثيق التاريخ والتواصل بين الفلسطينيين في فلسطين وفي الشتات، وكذلك فإن مبناه مميز من الناحية الهندسية والإنشائية على مستوى المنطقة ويشكل إنشائه بمواصفات عالية تحدياً مهنياً كبيراً. وأكد كنعان في مقابلة خاصة على أن الشركة التي تتخصص في إدارة المشاريع الإنشائية فتحت فرعاً رئيسياً لها في مدينة رام الله، وعينت فيه طاقماً ذا خبرات طويلة في إدارة المشاريع الضخمة لتتمكن من إدارة هذا المشروع، والذي تساهم في التبرع له مادياً وكذلك من خلال خبراتها وطاقمها وجهودها.
وأشار كنعان إلى أن فكرة فتح فرع للشركة في فلسطين كان حلماً يراود أعضاء مجلس الإدارة منذ تأسيس الشركة في عام 1984، ولكن الظروف السياسية حالت دون تحقيق هذه الأمنية. ويضيف أن الشركة ارتأت أن الوقت أصبح ملائماً للعودة إلى فلسطين وبدء العمل فيها للمرة الأولى، لا سيما بعد أن كلفتها مؤسسة التعاون بإدارة مشروع بناء المتحف الفلسطيني.
وقد تجاوز مشروع بناء المتحف الفلسطيني أكثر من نصف الطريق حتى الآن، حيث تم إنجاز الهيكل الخارجي للمشروع بالكامل، ويشير كنعان إلى أنه تجري حالياً أعمال تشطيب مبنى المتحف وتلبيس الحجر باستخدام مواد بناء ذات مواصفات خاصة تضاهي تلك المستخدمة في المتاحف العالمية. ويقول: "في الوقت نفسه يتم العمل على إعداد حدائق المتحف وزراعة النباتات والأشجار، والتي تم انتقاؤها من البيئة الأصلية لفلسطين، ووفق خطة دقيقة لتنسجم مع البيئة المحيطة".
وتقوم شركة بروجاكس العالمية بإدارة تنفيذ مشروع المتحف، وتلعب دور حلقة الوصل بين جميع الأطراف ذوي العلاقة من مقاولين ومشرفين ومصممين، بما في ذلك متابعة تنفيذ مهامهم وإنجاز المشروع بأعلى المواصفات الفنية العالمية ضمن الميزانية المحددة ووفق الخطط الزمنية لإنجاز المشروع. ويشير كنعان إلى أن مشروعاً بهذا الحجم يجري بناؤه بمواصفات عالمية يتطلب عملاً على مدار الساعة. ويضيف أنه، وبعد إجراء دراسة للسوق المحلية، قامت الشركة بتقسيم المشروع إلى 7 حزم إنشائية، تم طرحها كعطاءات منفصلة ضماناً لجودة التنفيذ وسرعة الأداء.
وأعرب كنعان عن حماس الشركة لمشروع بناء المتحف الفلسطيني قائلاً: "لقد شغل مؤسس الشركة، الدكتور نبيل القدومي، منصب رئيس مؤسسة التعاون لفترة زمنية، وهو من المتحمسين جداً لفكرة إنشاء متحف في فلسطين، ويشاركه في هذا الحماس المدير التنفيذي للشركة، السيد لؤي خوري، وهو بدوره عضو فاعل في مؤسسة التعاون، وعليه، كان من الطبيعي، عندما قررت مؤسسة التعاون تبني وتمويل مشروع المتحف، أن تتبرع شركة بروجاكس العالمية بخدماتها وخبراتها لإدارة هذا المشروع الهام".
ويؤكد كنعان أن أبرز تحدٍّ واجه عمل الشركة في فلسطين هو اختيار المقاولين المناسبين لتنفيذ المشروع، خاصة وأن مشروع المتحف الفلسطيني ذا طبيعة إنشائية خاصة، فهو "مشروع ريادي على مستوى المنطقة من حيث الهندسة والإنشاء وكونه مبنى أخضر يتم إنجازه بمواصفات عالمية"، ويقول: "بداية كان لا بد من عمل مسح شامل لجميع المقاولين المحليين واختيار الأنسب من بينهم، وبالفعل اخترنا مقاولين أثبتوا أنهم ذوو كفاءة عالية وقدرة على تطبيق التصميم الهندسي المعقد، وإيجاد حلول إنشائية للكثير من التحديات التي واجهت المشروع، وتحديداً شركة طبيلة للهندسة والمقاولات وهي شركة محلية نجحت في إيجاد حلول لتحديات عديدة في البناء، بالاضافة طبعا الى شركة ميراج للتعهدات الإلكتروميكانيكية، وشركة مشاتل السبع للأعمال الزراعية. أما التحدي الثاني فكان توفير المواد التي نصت عليها مواصفات المصمم الهندسي (شركة هنيغان بينغ الإيرلندية) في الوقت المحدد وفقاً للبرنامج الزمني المخطط له، خاصة وأن الكثير من المواد المستخدمة في المشروع هي مواد خاصة تتناسب مع طبيعة هذا المشروع الوطني، وتتبع مواصفات عالمية للمتاحف.
وأضاف كنعان أن تطبيق مواصفات المباني الخضراء (LEED) على جميع العمليات الإنشائية في المشروع، وكذلك فيما يتعلق بالمواد المستعملة بهدف حصول المشروع على شهادة المباني الخضراء المعتمدة عالمياً، شكل تحدياً آخر، خاصة وأن المتحف الفلسطيني هو أول مشروع أخضر يبنى وفق هذه المواصفات في فلسطين، ومن المشاريع القليلة الحاصلة على هذه الشهادة المميزة في العالم العربي.
ورغم خبرة الشركة الطويلة في مختلف أنحاء العالم، إلا أنها، وبحسب كنعان، اكتسبت خبرة في إدارة المشاريع الفلسطينية المحلية من خلال مشروع المتحف الفلسطيني، ويرى أن إدارة المشاريع في فلسطين تختلف عن إدارة المشاريع في الدول العربية المجاورة إلى حد كبير، حيث "لم يألف المقاولون المحليون في فلسطين، على سبيل المثال، فكرة التعامل مع طرف ثالث يقوم بإدارة المشروع نيابة عن المالك، أما بالنسبة للتعامل مع المنافذ الحدودية فيما يتعلق باستيراد المواد والمعدات فقد اكتسبنا خبرة جديدة"، ويضيف "نحن سعداء بالعمل جنبا الى جنب شركة إتحاد المقاولين العرب (ccc) وهي شركة فلسطينية نمت في المهجر ومتبرع سخي لمشروع المتحف الفلسطيني وساهمت تبرعاتها في إنجاحه وضمان تنفيذه بأحسن المعايير الهندسية المتعارف عليها عالميا، وقد قامت ببذل جهود جبارة في إدارة العدد الكبير والمتخصص من المقاولين." ويؤكد كنعان بأن هناك تعاون كبير بين جميع الاطراف المشاركة في بناء وتشييد المتحف الفلسطيني وأن كثير من المؤسسات الوطنية وخاصة جامعة بيرزيت التي يقع المتحف بمحاذاتها، ساهمت في إنجاح المشروع من خلال منح التسهيلات اللازمة وتقديم الدعم الفني واللوجستي.
ويرى كنعان أن مشروع المتحف الفلسطيني فتح الطريق أمام الشركة لإدراة العديد من المشاريع في فلسطين، أهمها: مشروع مبنى مؤسسة عبد المحسن القطان ومشروع مبنى برج إداري تابع لبنك فلسطين، حيث يرى أن تنفيذ هذه المشاريع يقود إلى تأسيس ثقافة هندسية جديدة في فلسطين تساهم في ترسيخ مفهوم إدارة المشاريع الإنشائية، وفي نقل خبرات الشركة العالمية إلى السوق المحلية الفلسطينية.